تحتضن المملكة العربية السعودية صحراء الربع الخالي والتي تعد من أكبر صحاري العالم وكذلك صحراء النفود والتي يصل ارتفاع تلالها الرملية لأكثر من ثلاثين مترا. وهذه الطبيعة الصحراوية تجعل المملكة واحدة من أكبر مصادر العواصف الترابية وعوالق الهواء على مستوى العالم.
وتنشط العواصف الترابية في المملكة خلال الفترة بين شهري فبراير ويونيو من كل عام. وبالرغم من أن معظم العواصف الترابية قد لا يستمر أكثر من نصف ساعة فقد تتسبب في مشاكل صحية كبيرة حيث تؤثر على الجلد والعينين والجهاز التنفسي. ومشاكل العواصف الترابية لا تكمن فقط في حمل هذه العواصف للأتربة والرمال في الجو بل أيضا لحملها كمية هائلة من ملوثات الجو والبكتريا والفيروسات والتي تؤثر سلبا على صحة الانسان.
ويرى العلماء أن العواصف الترابية تعد من العوامل الرئيسية لانتقال وتفاقم بعض الأمراض المعدية مثل الأنفلونزا والالتهاب الرئوي الحاد (السارس) وأمراض الجهاز التنفسي. كما تزداد حالات الإصابة بحساسية الصدر بين الأطفال وترتفع أعداد المترددين على المستشفيات للعلاج خلال هبوب العواصف الترابية وبعدها.
وبالإضافة الى ارتفاع نسبة تلوث الهواء في بعض المدن الكبيرة في المملكة والتي تنتج من التوسع في صناعات البتروكيماويات والطاقة والأسمنت ومن زيادة عدد المشروعات العملاقة التي يتم تدشينها في المملكة لتحسين البنية التحتية وحياة المواطنين و كذلك إلى الزيادة المطردة في أعداد السيارات فإن العواصف الرملية تتسبب في تردي جودة الهواء بطريقة سريعة جدا حيث تتسبب هذه العواصف في نقل الملوثات من مكان لآخر مما يتسبب في تعرض عدد كبير من المواطنين لمشاكل صحية حتى لو كانوا يسكنون في أماكن بعيدة عن مصادر ملوثات الهواء.
ومازال العالم يتذكر تلك الكارثة البيئية الكبرى التي وقعت خلال حرب الخليج الأولى خلال شهر يناير عام ١٩٩١ (انظر الشكل) والتي امتدت آثارها البيئية لعدة شهور مما تسبب في وقوع العديد من المشاكل البيئية في المنطقة.
ومن المهم جدا أن نكون على دراية بالخطوات التي يجب اتخاذها عند حدوث العواصف الترابية لتقليل آثارها الضارة.
تجنب الوجود خارج المنزل وعلى الطرقات السريعة خلال الأوقات التي تشتد فيها الرياح والعواصف الترابية حيث قد تتسبب الأتربة في انخفاض مستوى الرؤية مما يزيد من معدلات الحوادث المرورية.
في حالة ضرورة وجودك خارج المنزل خلال وقت العاصفة الترابية احرص على تغطية فمك وأنفك حتى لا تستنشق ذرات الغبار والتي قد تتسبب في حدوث حساسية الرئتين.
إذا ثارت عاصفة ترابية خلال وجودك على إحدى الطرق السريعة تأكد من إغلاق نوافذ السيارة بإحكام واستعمل مبرد الهواء وفي حالة انخفاض أو انعدام الرؤية بسبب الأتربة توقف أو قد سيارتك بسرعة منخفضة وتوخَ الحذر.
احرص على عدم لمس أو حك عينيك أثناء العاصفة الترابية حيث قد تتسبب الأتربة في حساسية العينين ويفضل استعمال نضارة (نظارة)؟ واقية من النوع الذي يلتصق على العينين حتى تمنع وصول الأتربة اليهما.
إذا حدثت العاصفة الترابية فجأة خلال وجودك في مكان مفتوح كالبر مثلا حاول أن تدخل مكاناً مغلقاً فورا كسيارة أو مخيم فان لم تجد تأكد من تغطية أنفك وعينيك وحاول أن تضع منديلاً مبللاً على فمك وأنفك حتى تمنع الأتربة من الوصول الى جهازك التنفسي.
تجنب الوقوف بجوار أو تحت الكثبان الرملية خلال العاصفة حيث يمكن أن يتعرض جسمك لكمية هائلة من الرمال في وقت قصير.
انتبه إلى أنه مع شدة الرياح قد تتطاير أجسام صغيرة أو كبيرة الحجم في الهواء والتي قد تتسبب في إصابات بالغة في حالة ارتطامها بالجسم، لذلك يوصى بتغطية الوجه بوسادة أو حقيبة يد صغيرة خصوصا في الأماكن المفتوحة خلال وقوع العواصف الترابية.
إذا كنت مريضا بالحساسية يجب عليك مراجعة الطبيب قبل موسم العواصف الترابية لينصحك بأفضل الطرق لتجنب وقوع الحساسية خلال فترات زيادة الأتربة في الهواء.
أما بخصوص الأطفال الرضع وكبار السن فعليهم التزام المنزل قدر المستطاع خلال حدوث العواصف الترابية وذلك لتجنب حدوث أي مشاكل في الجهاز التنفسي.
أبحاث العواصف الترابية وملوثات الهواء بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن
وتشارك جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في العديد من المشاريع البحثية بالتعاون مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لدراسة العواصف الرملية وملوثات الهواء وتحركاتها في مناطق المملكة المختلفة من خلال تحليل صور الأقمار الصناعية. كما تقوم الجامعة بدراسات تحليلية لمعرفة نوعية ذرات الغبار وكيفية اختلاط الملوثات الهوائية بذرات الغبار.
وقد قامت مجموعة بحثية مكونة من د. أشرف فرحات من قسم فيزياء السنة التحضيرية، د. عبد العزيز الشيباني، د. مصطفى حريري من قسم علوم الأرض ود. هشام العسكري بجامعة شابمان بكاليفورنيا بتدشين وحدة الاستشعار عن بعد فوق مبنى ٧٥ (انظر الصورة) وتحتوي الوحدة على طبق استقبال متحرك بقطر ٢,٤ متر لاستقبال بيانات الأقمار الصناعية الخاصة بالعواصف الرملية وملوثات الهواء في المملكة العربية السعودية ومنطقتي الخليج العربي وشمال أفريقيا داخل الجامعة. وتعد هذه الوحدة الأولى من نوعها والتي تم تدشينها في جامعات منطقة الخليج العربي مما سيجعل جامعة الملك فهد للبترول والمعادن رائدة في استقبال ولاحقا توزيع البيانات الخاصة بالعواصف الرملية. وتستطيع الوحدة تتبع بيانات الأقمار الصناعية في مدى ال X and L-bandمثل
NASA’s X-band Terra Aqua MODIS; the European Space Agency’s L-band MetOp EPS; NOAA’s POES HRPT, and China’s Feng Yun 1D CHRP
كما يمكن للوحدة الجديدة استقبال بيانات متعددة عن ملوثات التربة والأمطار والرياح وحرارة الجو ودرجة حرارة سطح البحر وتركيز الكلوروفيل وخصائص السحب مما سيفتح مجالات متعددة للبحث العلمي في المملكة. وقد تم دعم هذا المشروع من خلال المنحة المقدمة من مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقينه بمبلغ مليون ومئتي ألف ريال سعودي.