في برنامج التبادل الطلابي.. كانت لنا أيام

20 فبراير، 2020  |   أخبار أكاديمية

WhatsApp Image 2020-02-12 at 2.47.17 PM.jpeg
عمر إبراهيم المعيلي- أحد الطلاب المبتعثين ضمن برنامج التبادل الطلابي.

كانت بداية هذه الحكاية من معمل الحاسب الآلي في مبنى 22، حين استطاع صديقي (م . ع) إقناعي بضرورة خوض غمار تجربة التبادل الطلابي.

بعد الاستشارة والاستخارة، عقدت العزم على أن أسلك هذه الطريق حتى نهايتها.

استكملت الملف والمتطلبات وانتظرت حتى نهاية الإجراءات الميسرة، بفضل الله ثم مكتب التعاون الدولي بالجامعة، فكانت النتيجة هي القبول في جامعة ولاية كولورادو، ولله الحمد.

الواحدة ظهرا، مطار جون إف كينيدي، نيويورك، وطأت قدماي أرض الولايات المتحدة أخيرًا.

لا أزال أتذكر عندما بدأت تطبيق الملاحظات في هاتفي لأدون انطباعاتي، لكنني لم أجد – حتى اليوم- من الكلمات ما يعبر عما في وجداني، خليط غريب من المشاعر أحسست به تلك اللحظة. انتظرت رحلتي إلى مطار دنفر، عاصمة ولاية كولورادو، والتحقت بالتجمع الذي أعدته جامعة ولاية كولورادو في المطار، ثم انتقلنا بالباص إلى مدينة فورت كولينز حيث توجد الجامعة.

كانت السيدة مارج في استقبالي، فقد تواصلت مع الجامعة لتوفير سكن مؤقت، حتى يحين موعد انتقالي إلى سكني الدائم، وهذه السيدة جاوزت الستين، وكانت هي وزوجها ملحقين في الخارجية الأمريكية قبل التقاعد.

كانت وجبة الإفطار هي أمتع الأوقات في تلك الفترة، حيث السيل الجارف من القصص والخبرات، فهذان الزوجان قد زارا أكثر من 60 دولة وعملا في أكثر من 7 دول، فمن روسيا ما بعد الاتحاد السوفييتي إلى كوسوفو أوائل الاستقلال و انتهاء ببنغلاديش .

زد على حسن المعشر، خدمة المواصلات وإكرام الضيف وإسداء النصح، والعجيب أنهما رفضا استقبال أي مبلغ مادي فضلًا عن قبول أي نوع من الهدايا!

جامعة كولورادو ستيت من جنان الله في أرضه، على الأقل حتى أواخر شهر أكتوبر حين تباغتك الثلوج، فهي تطل على جبال الروكي الخلابة، والمنشآت والمرافق تحظى بعناية فائقة، فمن القاعات الدراسية حتى النادي الرياضي، كلها تليق بجامعة من المستوى الرفيع.

أما على الصعيد الدراسي، فالأكاديميون على مستوى عالٍ من الكفاءة والتفهم والقدرة على التواصل.

لا أزال أذكر مادة سلاسل الإمداد، حين قادنا الأستاذ في رحلة إلى شركتين كبيرتين، لنطلع على سير العمل فيهما، ويوم أن استضاف أحد التنفيذيين في شركة HP ليحدثنا عن المفاوضات وكيفية إدارتها، وكذلك كان الأمر مشابها في مواد الموارد البشرية والاقتصاد والمالية.

عن الأجواء خارج الإطار الأكاديمي، حدث ولا حرج، فالأندية الجامعية تضج بطلاب من مختلف المشارب وتنشط في كثير من الحقول المعرفية والاجتماعية.

فعلى سبيل المثال: أحد الأندية في الجامعة كان يدير محفظة استثمارية بملايين الدولارات يشرف عليها الطلاب أنفسهم بوجود استشاريين من أساتذة الجامعة، والجامعة كذلك تتبنى عددًا من المبادرات للطلاب الدوليين، فهناك اجتماع أسبوعي يستطيع من خلاله الطالب الدولي أن يتعرف على أناس جدد، بالإضافة إلى فرصة التخييم في معسكر مخصص للجامعة معد على أعلى مستوى. والنادي السعودي في مدينة فورت كولينز ينشط ببرامج مختلفة على مدار العام الدراسي. كما جمعتني الجامعة بصديق حميم، وهو من أعز مكاسبي في هذه التجربة.

WhatsApp Image 2020-02-13 at 3.37.15 PM.jpeg
إلى جانب الدراسة، يوفر البرنامج فرصة جميلة للتعرف على ثقافة المجتمع الآخر ومختلف طباعه.

نهاية الفصل الدراسي فرصة سانحة للسياحة والسفر، فبين نهاية الدراسة في الولايات المتحدة وبدايتها في المملكة ما يقارب الشهر، وقد نسق الصديق عبدالله العريني -وهو بالمناسبة أحد الملتحقين ببرنامج التبادل أيضًا- رحلة لطيفة بالسيارة قطعنا فيها الغرب الأمريكي ذهابًا وإيابًا، من ولاية كاليفورنيا إلى ولاية واشنطن، وقد مررنا بالعديد من الأماكن المثيرة للاهتمام، مثل جامعة ستانفورد وجامعة واشنطن وشركة بوينغ وكذلك السيليكون ڤالي وشركاته المعروفة، ناهيك عن الأماكن السياحية الخلابة، والحدائق الوطنية الضخمة.

من فوائد السفر -بالإضافة للترويح عن النفس- التعرف على ثقافة المجتمع الآخر ومختلف طباعه والفوارق الإيجابية والسلبية بيننا وبينه، وهذه المعرفة لا تحصل بالقراءة ولا بالمشاهدة عن بعد، بل بالمعايشة على أرض الواقع.

وأزعم أننا استوعبنا بعض هذه المفاهيم في رحلتنا.

السادس من يناير، آخر أيامي في الولايات المتحدة، المشهد كان سعيدًا للغاية لقرب لقاء الأحبة ولنهاية صفحة جميلة من كتاب هذا الطالب، الذي تفضل عليه رب العباد -سبحانه وتعالى- بهذه الفرصة، فالشكر والامتنان لكل من كان سببًا في هذه الفرصة وأخص بالشكر الدكتور نظير البغلي، فقد ساعدنا كثيرا، وكانت له معنا مشاهد لا ننساها. والحمد لله على نعمة هذا الوطن المعطاء الذي لم يبخل يومًا على تعليم أبنائه.

ولعلي ألخص الفائدة الشخصية من هذه التجربة في عدة نقاط: أولًا: معرفة مدى الرغبة في استكمال الدراسات العليا في الخارج. فقد توصلت إلى نتيجة شخصية لم أكن لأتيقن منها لولا هذه التجربة. ثانيًا: تطوير منهجية التفكير، وذلك أن التعرف على أنماط تفكير مختلفة تزيد المرء خبرة وتعطيه أبعادًا أخرى في التعامل مع مختلف الأمور في حياته.

ثالثًا: علاقات وصداقات مع مختلف الأشخاص حول العالم، فهذه التجربة عرفتني على أشخاص من أقصى الشرق حتى أقصى الغرب.

رابعًا: تطوير اللغة الإنجليزية، فالعيش في الولايات المتحدة سيطور لغتك بشكل تلقائي.

ختامًا، سلبيات هذه التجربة مغمورة في حسناتها، والمقال لا يتسع لإيراد كل ما يجول في الخاطر، لكنني أرى أن التحدي الأكبر في هذه التجربة هو تجنب الغرق في ثقافة الآخر بدل العوم فيها. وأنا أدعو القارئ -إن كانت الفرصة لا تزال سانحة له- بأن يفكر جديًّا بالالتحاق بهذا البرنامج لما أوردت من فوائد، وأن يستشير ويستخير، فما خاب من استشار ولا ندم من استخار، وإني أرحب بأي استفسارات حول البرنامج أو الجامعة عبر البريد الإلكتروني الجامعي.

الطالب: عمر إبراهيم المعيلي

التخصص: الإدارة

البريد الجامعي: s201672160@kfupm.edu.sa