ضمن برنامج الاستدامة في البيئة البحرية.. فريق بحثي يدرس السلاحف البحرية

27 يناير، 2021  |   البحث العلمي

إعداد: آلاء القواسمي


في إطار تنفيذ المرحلة السادسة لبرنامج الاستدامة في البيئة البحرية المشترك بين جامعة الملك فهد للبترول والمعادن وشركة أرامكو السعودية، قام فريق بحثي في مركز البيئة والمياه، بقيادة الدكتور رومل مانيجا، ببحث عن السلاحف البحرية في المياه السعودية بالخليج العربي، وذلك لدعم إدارة الحفاظ عليها وحمايتها للأجيال القادمة.

ويهدف البحث لتعزيز فهم بيولوجيا وإيكولوجيا السلاحف البحرية التي تعيش في مياه المملكة بالخليج العربي، وتحديد موائلها الأساسية، مثل مناطق التعشيش (وضع البيض) ومناطق الغذاء، بالإضافة إلى دراسة توزيعها في مياه الخليج وتقييم حالة مواقع تعشيشها الرئيسية والاتصال بينها.

وذكر د. مانيجا أنه تم خلال هذا المشروع تتبع هجرات السلاحف عن بعد عبر الأقمار الصناعية، ودراسة درجات القرابة الوراثية بين مختلف مجموعاتها، وتوزيع مناطق تعشيشها، وتقييم آثار الأعمال البشرية، مثل التلوث والصيد البحري، على هذه الحيوانات المهددة بالانقراض وعلى الجزر البحرية البعيدة التي تمثل مناطق تعشيشها الرئيسية.

12.jpg
مسح شواطئ تعشيش السلاحف باستخدام دراجة رباعية لمراقبة مسارات التعشيش على طول الشاطئ.
4.jpg
مسح أرضي لنباتات الجزيرة.

وأوضح أهمية بحوث السلاحف البحرية في فهم الروابط بين المكونات المختلفة للنظام البيئي، والتي تعزز مرونة وملاءمة الموائل التي تحافظ على أعداد السلاحف، وخاصة جزر التعشيش في المياه السعودية.

وقال: يستضيف الخليج العربي جميع الموائل المهمة لمراحل الحياة المختلفة للسلاحف البحرية.

وأضاف أن هذه الموائل تشمل مناطق التكاثر والتعشيش، ومناطق حضانة صغار السلاحف، وأيضا مناطق غذاء السلاحف الكبيرة.

وتحدث الباحث عن أنواع معينة من السلاحف جعلت الخليج العربي موطنًا لها مثل سلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء.

ونوّه إلى أن جزر كاران وجانا البحرية في المياه السعودية تعد مواقع تعشيش رئيسية لهذه الأنواع.

turtles .jpg
رسم توضيحي لكيفية تفاعل الكائنات الحية ،بما فيها السلاحف التي تعشش على الشاطئ، والمكونات الاخرى للجزر من أجل تحقيق نظام بيئي متوازن.

وأوضح د. مانيجا أن البحث ركز بشكل كبير على تقييم حالة النظام البيئي للجزر، وتم استخدام العديد من التقنيات المتقدمة والحديثة لتحقيق أهداف أبحاث السلاحف البحرية.

وعن مجريات العملية البحثية، ذكر أن فريق البحث نجح في تركيب أجهزة تتبع عن بعد على 14 سلحفاة منقار الصقر و16 سلحفاة خضراء خلال فترة وضع البيض في جزيرتي جانا وكاران في عام 2017 م، وذلك بغرض دراسة حركة هجراتها باستخدام الأقمار الصناعية.

وأوضح أن مسارات الأقمار الصناعية أظهرت أن غالبية سلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء تستخدم الجهة الشمالية للخليج العربي للبحث عن الغذاء، في حين بدا أن سلاحف منقار الصقر تفضل الجهة الغربية للخليج.

2.jpg
تركيب أجهزة تتبع عن بعد على ظهر سلحفاة منقار الصقر

ويهدف فريق البحث إلى تقييم الخصائص البيئية للجزر البعيدة التي تستخدمها السلاحف كمواقع تعشيش جيدة وبيئة طبيعية لحضانة بيضها، مثل مستوى الرطوبة ودرجة الحرارة والملوحة والمغذيات وغيرها.

وقال د. مانيجا: قمنا بتقييم نجاح فقس بيض السلاحف في الجزر، وأجرينا تجارب زرع وتظليل الأعشاش من أجل تحسين نسبة الفقس، حيث بينت الدراسات أن تعريض أعشاش السلاحف لدرجات حرارة مرتفعة يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في نسبة الفقس.

وأضاف أنه تم استخدام تقنيات الأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد في تقييم ملامح الغطاء النباتي وانحسار الشواطئ في الجزر التي تعشش فيها السلاحف، وذلك بناء على التغيرات الأخيرة على المناخ العالمي.

وقال: وجدنا أن جزر كاران وجانا فقدت ما يقدر بـ 1.4 هكتار من مساحة شواطئها منذ عام 1965 م حتى الآن.

وأوضح أن هذا التقلص في حجم الشاطئ يزيد من تسلل المياه البحرية، مما يجعل الرمال أكثر ملوحة وأكثر رطوبة، وبالتالي أقل ملاءمةً لنمو صغار السلاحف داخل البيض بشكل صحيح.

34.jpg
إعداد تجربة زرع العش وتظليله في جزيرة كاران.

ومن خلال دراسة التغير الذي طرأ على الغطاء النباتي من 1999 إلى 2018 م، وتتبع أنماط هطول الأمطار في المنطقة، لاحظ الباحث وفريقه ارتفاعاً في الكتلة الحيوية للنباتات الميتة في الجزر بسبب جفاف طويل الأمد.

وحذر د. مانيجا أن استمرار ظروف مماثلة قد يؤدي في النهاية إلى تصحر الجزر.

كما تحدث عن مشكلة تراكم القمامة على الجزر.

وأوضح أن المخلفات البحرية من الزجاجات البلاستيكية والخشب والمطاط ومعدات الصيد المهملة تمنع وصول السلاحف إلى شاطئ التعشيش، وتعيق دخول صغارها إلى البحر.

3.jpg
تقييم توزيع الحطام البحري أو القمامة على جزيرة تعشيش السلاحف.

وأخيرا، أوضح الباحث أن النهج المتعدد التخصصات المستخدم في البحث قد سمح بتقييم حالة المكونات المترابطة التي تحافظ على الموائل المختلفة للسلاحف البحرية، وخاصة جزر التعشيش البحرية وأماكن البحث عن الطعام، وتسليط الضوء على الآثار والتهديدات التي تتعرض لها السلاحف البحرية في الخليج العربي.

ومع ذلك، فإنه يرى أننا نحتاج للقيام بالمزيد من الأبحاث لضمان البقاء الطويل الأمد لسلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء في الخليج العربي.

واعتبر أن التنسيق الإقليمي وإدارة الحفاظ على الأنواع البحرية وموائلها ضرورية للحفاظ على الموارد على المدى الطويل في المنطقة.

وقد تم نشر ورقتين بحثيتين عن السلاحف البحرية من خلال هذا العمل، ويتم العمل على نشر المزيد.

GTS_6081.JPG
الدكتور رومل مانيجا، عالم أبحاث السلاحف البحرية بمركز البيئة والمياه.

ويعمل الدكتور روميل مانيجا حاليًا كعالم أبحاث في مركز البيئة والمياه (CEW) بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

وقد حصل على درجة الدكتوراه في العلوم الطبيعية من جامعة كريستيان ألبريشت في ألمانيا عام 2012.

وتتمثل اهتمامات د. روميل البحثية الأساسية في دراسة البيئة البحرية وتأثيرها على الكائنات الحية التي تعيش فيها.