ضمن جهود مركز البيئة والمياه للحفاظ على الحياة البحرية: دراسة خصائص وسلوك "القرش الحوت" لحمايته من الانقراض وتعزيز التنمية الاقتصادية

10 فبراير، 2020  |   البحث العلمي

يعد حفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام والحد من التلوث أولوية قصوى للدول لتأمين مواردها الطبيعية، كما تساهم دراسة سلوك الكائنات البحرية وخصائصها في فهم البيئة البحرية ومعرفة مدى تأثير التغيرات المناخية عليها مما يساعد في اتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ عليها من الانقراض وحفظ التوازن البيئي في البحار.

ويعد تقييم الأثر البيئي وعمل المراقبة البيئية في المنطقة ودراسة الأحياء البحرية والتربة ضمن الأنشطة البحثية لمركز البيئة والمياه بالجامعة وضمن أهدافه للحفاظ على البيئة.

7B18~1.JPG
الفريق البحثي يرفق علامة تتبع الأقمار الصناعية بالقرش الحوت.

ونفذ فريق بحثي، يقوده الباحث بمركز البيئة والمياه د.هوا هسن، مشروع بحثي يهدف إلى دراسة أسماك القرش منذ عام 2016، حيث بدأ الباحثون في البحث عن أسماك القرش الحوت وتتبعها في المياه السعودية في الخليج العربي، استنادًا إلى صائدي الأسماك وتقارير المشاهدة و استطلاعات القوارب، وقام فريق الجامعة بتوثيق اثنتين من سمك قرش الحوت وأجريت قياسات علمية في أكتوبر 2018 ، ثم وضعوا بطاقات على ثلاثة حيتان أخرى لتتبعها بالقمر الصناعي خلال أكتوبر-نوفمبر 2019. ويسجل الجهاز درجة الحرارة والعمق، وينقل الإحداثيات بشكل يومي عندما تسبح أسماك قرش الحوت بالقرب من السطح.

وقال الدكتور هوا إن تتبع أسماك القرش الحوت عبر الأقمار الصناعية استخدم لأول مرة في المياه السعودية في الخليج العربي. والآن نحن نعرف أين تذهب هذه الحيتان الثلاثة وما هي درجة الحرارة والعمق التي تفضلها، مشيراً إلى أن فريق الجامعة يخطط لوضع مثل هذه البطاقات على خمسة حيتان أو أكثر خلال هذا العام.

22F0~1.JPG
يحب القرش الحوت أن يتغذى على السطح أو بالقرب منه.

وأوضح أنه، بالإضافة إلى تتبع أسماك قرش الحوت، وجد فريق الجامعة أن جزيرة جانا قد تكون واحدة من مواقع تجمع أسماك قرش الحوت في الخليج العربي. على عكس أسماك القرش المفترسة الأخرى، فإن أسماك قرش الحوت التي ليس لها أسنان حادة وفكين قويين وهي غير مؤذية بالبشر، ويسمى أيضًا "عملاق البحر اللطيف"، وبالتالي فقد تم إنشاء العديد من مواقع تجمعات قرش الحوت في العالم كنوع من السياحة البيئية، حيث يشاهد السياح أسماك قرش الحوت ويسبحون معها. على الرغم من أن أسماك قرش الحوت لا تجتمع في جانا إلا لمدة شهرين تقريبًا كل عام، ما زلنا نعتقد أن جانا هي موقع محتمل لتطوير صناعة السياحة البيئية في المستقبل، وسوف تجذب المزيد من السياح لزيارة المملكة.

4597~1.JPG
العلماء من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن يقومون باستخدام الليزر لقياس أطوال أسماك القرش الحوت.

وأضاف أن القرش الحوت "الرقطاء" ، والمسمى "رينكودون تايبس" ، يعد أكبر الأسماك في العالم، حيث يمكن أن ينمو إلى ما لا يقل عن 12 م طولًا وقد تصل أطوالها إلى 17أو 18 م أو حتى 21.4 م، وبوزن إجمالي أكبر من 42 ميجا طن، مشيراً إلى أنه واحد من ثلاثة أسماك قرش تتناول طعامها بشكل يشبه طريقة المصفاة والوحيد الذي يمكن أن يستهلك مجموعة واسعة من العوالق والكائنات المائية السابحة مع التيار أو ضد التيار. هذه الحيتان تعيش ضمن الطبقات السطحية للمياه الاستوائية وشبه الاستوائية في محيطات العالم، بما في ذلك الخليج العربي.

2019~1.JPG
تتبع مسارات حركة ثلاث أسماك قرش خلال الفترة من أكتوبر إلى ديسمبر 2019.

وقال إن أسماك قرش الحوت حساسة لعمليات الصيد نظرًا لخصائصها البيولوجية الخاصة، مثل النمو البطيء جدًا والنضج المتأخر والعمر الطويل. ويستهدف هذا النوع من الحيتان للحومها وزعانفها، وتهددها عمليات الصيد الموجه أو العرضي. ونظرًا لأن تغذيتها في المستويات السطحية من المياه وسرعة سباحتها منخفضة نسبيًا، يمكن للصيادين صيد هذه الحيتان بمجرد رؤيتها، وعليه تم صيد أسماك قرش الحوت بكميات كبيرة منذ التسعينيات، ويشتبه في انخفاض عددها بنسبة 20٪. لذلك، أدرجت سمكة قرش الحوت ضمن الفئات المهددة بالانقراض في القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة لعام 2000، كما أدرجت في الملحق 2 لعام 2002 لتقييد التجارة الدولية في اتفاقية التجارة الدولية بالأنواع الحيوانية والنباتية المعرضة للانقراض.

تم تسمية القرش الحوت في عام 1828، وحتى الآن، لا يزال يلفه الكثير من الغموض. وظل هذا النوع من الحيوانات البحرية أيقونة حول العالم منذ ما يقرب من 30 عامًا، لكن بدأ الاهتمام به في الخليج العربي منذ بدايات العقد الحالي، فكانت بيئة معيشة هذه الحيتان في الخليج العربي محور بعض الدراسات في السنوات الأخيرة. أشارت هذه الدراسات إلى أن التجمعات الموسمية لأسماك قرش الحوت مرتبطة بالمنصات البحرية، واقترحت أيضًا أن أسماك قرش الحوت قد تتجمع في مياه المملكة، التي تضم أكثر المنصات في الخليج العربي.

600_6938.jpg
هوا هسون هسو.

حصل الدكتور هوا هسون هسو على درجة الدكتوراه من قسم البيولوجيا البيئية والعلوم السمكية، جامعة تايوان الوطنية للمحيطات، تايوان. يشارك الدكتور هسو في أبحاث أسماك القرش (سمك القرش والراي والخرافيات) لمدة 20 عامًا، وبدأ دراسة أسماك قرش الحوت منذ عام 2001. انضم الدكتور هسو إلى مركز البيئة والمياه بالجامعة في ديسمبر 2015، وهو يعمل على الحفاظ على دراسة مشروع القرش، محاولا تحقيق التنوع البيولوجي للأسماك الخيشومية في المياه السعودية في الخليج العربي. كما أنه مهتم بأسماك قرش الحوت من المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي. وأخيرًا، عثر فريق الجامعة على أسماك قرش الحوت في عام 2018، وبدأ بتعقبها.